الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ ، للدكتور محمد حرز
خواطر رمضانية: الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ ، للدكتور محمد حرز
لتحميل الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ ، للدكتور محمد حرز.
ولقراءة الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ : كما يلي:
خواطر رمضانية
الخاطرة الخامسة : تصومُ عن الأكلِ والشربِ ولا تصومُ عن الكذبِ
الحمد لله القائل في محكم التنزيل﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون. ﴾(الأنبياء: 43) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه” متفق عليه.,فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلي يوم الدين…. .بعد
فمن العجيب أيها الأخيار أن يصوم المسلم عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولا يصوم عن الكذب …. مالكم كيف تحكمون ؟
عِبَادَ اللهِ:الصِّيَامُ دَوْرَةٌ تَدْرِيبِيَّةٌ للصَّائِمِ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تعالى، دَوْرَةٌ تَدْرِيبِيَّةٌ لِصِيَامِ الجَوَارِحِ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، وَخَاصَّةً جَارِحَةَ اللِّسَانِ. روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». والكذب زور وبهتان وضلال ومَن لم يدَعْ قول الكذب والحَرام والهذيان والتلفظ بما لا يعنيه، ومن لم يدع العمل المحرم بشتى صوره وألوانه، ومن لم يدع التعدي على حرمات الله وحرمات الناس، من لم يدع هذه المنكرات فليس لله حاجة ٌ في مثل هذا الصيام؛ لأنه لم يحقق معنى الصيام، وهو التوصل للتقوى.
وَالْكَذِبُ جِمَاعُ كُلِّ شَرٍّ، وَأَصْلُ كُلِّ ذَمٍّ؛ لِسُوءِ عَوَاقِبِهِ، وَخُبْثِ نَتَائِجِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتِجُ النَّمِيمَةَ، وَالنَّمِيمَةُ تُنْتِجُ الْبَغْضَاءَ، وَالْبَغْضَاءُ تَؤُولُ إِلَى الْعَدَاوَةِ، وَلَيْسَ مَعَ الْعَدَاوَةِ أَمْنٌ وَلَا رَاحَةٌ، وَلِذَلِكَ قِيلِ: ((مَنْ قَلَّ صِدْقُهُ قَلَّ صَدِيقُهُ))». أيُّها السادةُ: الكذبُ مرضٌ سرطانيٌّ خطيرٌ مدمرٌ، قلَّمَا يُعافَي منهُ إنسانٌ إلّا ما رحمَ ربُّ الأرضِ والسماءِ، فالكذبُ حليةُ الفجارِ، وزينةُ الأشرارِ، فالكذبُ رزيلةٌ ممقوتةٌ، وسجيةٌ ملعونةٌ، وعادةٌ ذميمةٌ، وطبعٌ لئيمٌ يضرُّ بصاحبهِ قبلَ أنْ يضرَّ بغيرهِ؛ لأنَّهُ يهدي إلي الفجورِ وسوءِ الأخلاقِ، وأصبحَ الرجلُ الآن يكذبُ ويقولُ هذه كذبةٌ بيضاء أو يقولُ: (كذب مساوي ولا صدق مفركش). وهذا كلامٌ غيرُ صحيحٍ، بل كذبَ علي اللهِ وكذبَ علي رسولِ اللهِ، فكمَا أنَّ الصدقَ أساسُ الإيمانِ فالكذبُ أساسُ النفاقِ ،وأكبرُ خيانة أنُ يصدقَكَ الناسُ و أنتَ لهُم كاذبٌ ،وكمَا أنَّ الصدقَ سببٌ لنجاةِ الإنسانِ في الدنيا والآخرةِ، فكذلك الكذبُ سببٌ لهلاكِ الإنسانِ في الدنيا والآخرةِ، لذا قالَ النبيُّ الأمينُ ﷺ ((وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) متفق عليه، ليس هذا فحسب بل الكذبُ ثلثُ النفاقِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) متفق عليه، بل مِن الثلاثةِ الذين لا يكلمُهُم اللهُ ولا ينظرُ إليهِم التاجرُ الكاذبُ المنفقُ سلعتَهُ بالحلفِ الكاذبةِ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أَبُو ذَرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ) رواه مسلم . لذا لا يجوزُ للبائعِ أنْ يغطِّي عيبَ سلعتهِ لقولِ النبيِّ المختار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضى اللهُ عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا َإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) متفق عليه ،بل الكذبُ يؤدِّي إلي سوادِ الوجهِ يومَ القيامةِ سلمْ يا ربِّ سلمْ!!فالناسُ يومَ القيامةِ صنفان: صنفٌ أبيضُ الوجهِ اسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا وإياكُم منهم. وصنفٌ أسودُ الوجهِ قالَ ربُّنِا { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) }سورة أل عمران فالذين ابيضتْ وجوهُهُم هم أهلُ الصدقِ والإيمانِ. وأمَّا الذين أسودتْ وجوهُهُم فهم أهلُ الكذبِ والنفاقِ قال ربُّنَا: ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ))
بل مِن الكذبِ أنْ يتحدثَ الإنسانُ مازحًا بكلامٍ كاذبٍ كالنكتِ وغيرِهَا ليضحكَ منه القوم، لقولِ نبيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ) رواه أبو داود وأحمد بسند حسن
وعن أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) رواه أبو داود بسند حسن، وأخطرُ أنواعِ الكذبِ: الكذبُ على اللهِ ورسولهِ بنشرِ الأحاديثِ الموضوعةِ أو نشرِ المقاطعِ الكاذبةِ عن رسولِ اللهِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي، الحذرَ الحذرَ ياسادةٌ قالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) متفق عليه، وكترةُ الكذبِ مِن علاماتِ الساعةِ كمَا قالَ ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ )
عودْ لسانَكَ قولَ الحقِّ تحظَ بهِ ******* إنَّ اللسانَ لِمَا عودتَ معتادُ
ولكن ما هي الأمورُ التي يُباحُ فيها الكذبُ؟
أيُّها السادةُ: الكذبُ داءٌ عضالٌ حذّرَ منهُ سيّدُ الرجالِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنَّه مرضٌ يسودُ الوجوهَ يومَ تبيضُّ وجوهٌ وتسودُّ وجوهٌ، والكذابُ حرامٌ في البيعِ والشراءِ و علي الأطفالِ وفي كلِّ حالٍ إلّا في ثلاثِ حالاتٍ: في الإصلاحِ بينَ الناسِ، وفي الحربِ كمَا حدثَ مِن خُدْعَةِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ للمشركين ولليهودِ في غزوةِ الخندقِ، وفي إرضاءِ أحدِ الزوجين للآخر: وهو أنْ يكذبَ الرجلُ على زوجتهِ، والزوجةُ على الزوجِ ؛لإرضاءِ كلٍّ منهما الآخر. لذا رخصَّ لك النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذبَ فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديثِ أمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: “لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ ،وَيَقُولُ: خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا” وقالت: وَلَمْ أَسْمَعْه يُرَخَّصُ في شيء مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ: الْحَرْبُ ،وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ ،وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا)).
أخي الحبيب إنَّ الكذبَ داءٌ فتخلصْ منه قبلَ فواتِ الأوانِ قبلَ أنْ يأتِيَ يومٌ لا ينفعُ فيه الندمُ، فاتقِ اللهَ وكن مِن الصادقين تسعدْ في الدنيا والآخرةِ.
وإذا أردتَ أخِي الغالي راحةَ الضميرِ وصفاءَ النفسِ، فكُن أخي الحبيب مِن الصادقين، واحذرْ طريقَ الكاذبين، عن أبي مُحمدٍ الحسنِ بنِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنهما قال: ((حفظتُ مِن رسولِ اللهِ ﷺ: دَعْ ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يُرِيبُكَ فإنَّ الصدقَ طُمأنينةٌ، وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ )) و كونُوا لأبنائِكُم قدوةً، وربوهُم على الصدقِ، فمَن لزمَ الصدقَ في صغرهِ كان له في الكبرِ ألْزَم، قال عبدُ الملكِ بنُ مروان لمعلمِ أولادهِ: ((عَلمهُم الصدقَ كما تعلمهُم القرآنَ((، فالصدقَ الصدقَ تفلحُوا في الدنيا والآخرةِ.ورمضان مدرسة للأخلاق ومن أعظهما الصدق ،فاجعل الصدق عنوانا لك.
حفظَ اللهُ مصرَ مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبدُ الفقيرُ إلى عفو ربِّهِ
د/ محمد حرز
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف